الوطن :
دقت الساعة المتعبة لتعلن الثالثة، يلمّ «محمد صبحى» حاجاته، تاركا عمله بمصلحة الضرائب، ثم ما يلبث أن يتجه إلى التجمع الخامس حيث محل سكنه، المنزل الملاصق لبيت الرئيس محمد مرسى، يصعد الرجل الأربعينى درج البيت، يدلف داخل شقته، فيجد أسرته المكونة من زوجته وثلاث بنات يجلسن فى انتظار المياه أن تأتى، يأمرهن رب الأسرة «يلا لموا حاجتكم وانتِ يا نوران جهزى الكتب اللى هتذاكرى فيها.. هنروح النهارده عند أخويا نبيت عنده لحد لما الميّه تيجى».
لأكثر من 72 ساعة و«صبحى» يقوم بهذا العمل المعتاد، وقتما يُدرك أن المياه «مقطوعة»: «ما هو الواحد فى الحر ده مينفعش يقعد فى البيت من غير ميّه».. سكن الرجل الأربعينى إلى جوار بيت الرئيس «مرسى» لم يشفع له فى خدمات متكاملة فى الحى الراقى «أول ما مرسى جه المنطقة وبقى ريس.. الحرس الجمهورى عمل له وصلة ميّه خاصة جاية من الماسورة العمومية»، يؤكد «صبحى» أن الرئيس لم يلتفت لحق الجيرة «بيسحب الميّه كلها».
عندما فاض الكيل بسكان المنطقة الراقية، حمل ما يقرب من 1500 منهم جراكن المياه الفارغة فى أيديهم، وتظاهروا أمام بيت الرئيس، أمس الأول.. يؤكد جار «مرسى» أن الشرطة جهزت سيارتى أمن مركزى للتصدى للسكان «قعدوا يضربوا فيهم لحد لما فضوهم».. أكثر ما يؤرق «صبحى» ويستفزه قيام غفير المنزل الذى يقطن فيه «مرسى» برشّ المياه «عمال على بطال» على الحدائق أمام منزله فى الوقت الذى يعانى هو وبقية قاطنى التجمع الخامس من أزمة مياه.
حاول «صبحى» أكثر من مرة التحدث إلى الحرس الجمهورى الذين أخبروه: «إحنا ملناش دعوة.. كلم 125 وهما يتصرفوا»، فى البداية كان الأمر بالنسبة له «تواضع» من الرئيس أن يلتزم بمحل سكنه ولا يذهب إلى «مصر الجديدة» لكن بعدما عانى من الخدمات تمنى «صبحى»: «إحنا بصراحة مش مستحملين.. الميّه تبقى عند الريس صواريخ وعندنا مفيش ولا نقطة ميّه.. يبقى هوه عنده وأنا معنديش.. بأمارة إيه»، متوقعا أن يكون نقص الخدمات مُقدمة لـ«تطفيش» السكان -على حد قوله- الذين يقطنون بالقرب من «مرسى».